موسوعة جديدة لكتَّاب الأطفال في الوطن العربي
ميدل إيست أونلاين: "موسوعة كتَّاب الأطفال في الوطن العربي" موسوعة جديدة تضاف إلى موسوعاتنا العربية المتخصصة، خصَّصها مصنفها محمود قاسم لكتاب الأطفال في 19 دولة عربية، جاءت على حروف المعجم العربي (دولا وكتَّابا داخل الدول) فتبدأ بالأردن وتنتهي باليمن.
وهو عمل بلاشك صعب ويتطلب زمنا طويلا، استغرق من صاحبه ثماني سنوات "في بلاد لا تهتم كثيرا بعمل قواعد بيانات حقيقية. وقد اتضح ذلك بقوة في المعلومات الفقيرة حول هذا الموضوع في شبكة الإنترنت." على حد قول المؤلف أو المصنف في مقدمته للموسوعة.
وعلى الرغم من وجود مواقع ومنتديات كثيرة الآن على شبكة الإنترنت تخصصت في أدب الأطفال، إلا أن معظمها لم يهتم بعمل قاعدة بيانات حصرية لكتاب الأطفال في الوطن العربي مثلما جاءت في موسوعة محمود قاسم، على الرغم من سهولة تحقيق هذا المطلب ظاهريا.
وأقول بسهولته ظاهريا، لأن عددا كبيرا من كتاب الأطفال لم يهتم بنشر إبداعه وبياناته على الشبكة العنكبوتية، أو لم يدخلها أصلا، وبالتالي تظل المعلومات عن عدد كبير من هؤلاء الكتاب غير موجودة أو غير متوافرة.
هنا يلجأ المصنف إلى النبش في زوايا المجلات والجرائد وبطون الكتب والمعاجم ليخرج بمعلومة، ولو ضئيلة، ولكنها قد تكون مفيدة لصاحب الجهد، فضلا عن المراسلة الشخصية للكتاب الذين على قيد الحياة وهو الأسلوب الذي لجأتُ إليه أثناء عملي في "معجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين" وكانت الاستجابة رائعة عبَّدت لي نصف الطريق.
ولم أدر هل اتبع محمود قاسم نفس الأسلوب في إعداده لموسوعته، أم كان هناك حلول أخرى لديه، أسهمت في جمع معلوماته وبياناته عن كتاب الأطفال في الوطن العربي.
لم يحدد قاسم شكلا أدبيا معينا يكتب فيه الكاتب مثل: الشعر أو القصة أو الرواية أو المسرح .. الخ، ولكنه اهتم بكون الكاتب يكتب للأطفال وكفى، مع أهمية ذكر عدم وجود نصوص أدبية بالموسوعة، ولو فعل المصنف لخرجنا بمجلد ضخم قد يكون مطلوبا في وقت من الأوقات.
بالإضافة إلى ذلك جمع المصنف الراحلين مع الأحياء، فنرى على سبيل المثال سهير القلماوي من مصر (1913 ـ 1997) التي رأست لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة حتى وفاتها ولها "أحاديث جدتي"، مع أسماء الزرعوني الكاتبة بدولة الإمارات، ونجد الكاتب العراقي الراحل خالد العزي (1924 ـ 2001) مع الكاتبة السعودية هند خليفة (1958) على سبيل المثال.
وهناك بعض الأسماء التي لم يتم ضبطها أو ضبط البلد الذي تنتمي إليه، وعلى سبيل المثال نجد الكاتبة السودانية بثينة خضر مكي مصنفة بدولة الإمارات، وعندما يكتشف المصنف هذا يذكرها بدولة السودان مع إحالة إلى الإمارات. غير أنه لم يفعل هذا مع الكاتب العراقي عبدالهادي سعدون الذي اكتفى بذكره في الإمارات، ولا توجد له أية إشارة بالعراق، على الرغم من أن سعدون يعيش منذ سنوات في مدريد. ويبدو أنه أثناء عمل قاسم بالموسوعة كان سعدون يعيش بالإمارات (والله أعلم).
ولعلنا من خلال مقارنة عدد كتاب الأطفال في بعض البلاد العربية نكتشف أن هناك كثرة منهم في مصر (حوالي 130 كاتبا) والأردن (92 كاتبا) ثم سوريا، بينما يقل العدد في بلد مثل قطر ليصل إلى ثلاثة فقط هم: حصة العوضي، ولطيفة مبارك السليطي، وهيا سعيد غانم الكوادي، بينما يصل العدد في الكويت إلى 9 كتاب، والإمارات إلى 10 كتاب، وكذا البحرين، ويصل في ليبيا إلى 12 كاتبا، وفي الجزائر إلى 23 كاتبا، وهكذا.
وقد لاحظنا أنه على الرغم من صدور مجلات أطفال جيدة في بعض تلك الدول مثل "العربي الصغير" في الكويت، إلا أن عدد كتاب الأطفال فيها قليل نسبيا.
وإذا قارنا تعداد الشعب المصري الذي يبلغ حوالي 70 مليونا، وبه 130 كاتبا للأطفال فحسب، لوجدنا أن هذا العدد قليل جدا، وهو أقل من عدد كتاب سلطنة عمان الأربعة نسبة إلى عدد سكانها.
يجئ على الغلاف الخلفي بالموسوعة أن "المدهش فعلا أنه لدينا كل هذا العدد الكبير من كتَّاب الأطفال في العالم العربي، وأن لكل منهم الكثير من الإصدارات، بما يعني خصوبة عطاء هؤلاء الكتاب عددا على الأقل."
وأجدني لا أتفق مع هذه المقولة المتفائلة أكثر من اللازم، فليس من المعقول أن لا نجد سوى كاتبين في موريتانيا هما: أحمد بن يحيى بن محنض، ومباركة بنت البراء، ونقول إن لدينا خصوبة في عدد الكتاب، وكما سبق القول فإن عدد 130 كاتبا فقط في مصر ذات السبعين مليونا لا يعني خصوبة على الإطلاق.
هذا إذا أخذنا الأعداد الواردة في موسوعة محمود قاسم على أنها حقائق، وأعتقد أنها قريبة من الحقائق فعلا، لأنني لمست شيئا من هذا أثناء جمعي لمعلومات عن الشعراء الذين يكتبون للأطفال في الوطن العربي عامي 1996 و1997.
مع يقيني أيضا بأن محمود قاسم أغفل ذكر بعض الأسماء التي تكتب للأطفال، منها على سبيل المثال الشاعر فاروق شوشة الذي أصدر أربعة مجموعات شعرية للأطفال، ولم يدرج اسمه في بلده مصر بالموسوعة. ولم أدر ما هو الحال بالنسبة لبقية الكتاب في بقية البلدان العربية؟
إلى جانب أسماء كتاب الأطفال في كل بلد عربي على حدة، نجد ملحقا بعناوين وأسماء الناشرين العرب الذين ينشرون كتب الأطفال، وأرى أيضا أنه لو أضاف المصنِّف إلى دور النشر هذه، مواقع الإنترنت المتخصصة في نشر أدب الأطفال، لكانت الفائدة أعم.
وبالإضافة إلى هذا أفرد المصنِّف ملحقا بصور بعض كتاب الأطفال ممن وردت اسماؤهم بالموسوعة، وتنوعت تلك الصور ما بين الأبيض والأسود، والصور الملونة، فضلا عن صور بعض أغلفة الكتب والمجلات التي صدرت للأطفال، وأغلبها في مصر.
ليس هناك شك في أن هذه الموسوعة أعادت بعض الاعتبار والقيمة للكتاب الذين كتبوا للأطفال وخاصة من الراحلين الذين لم يعد أحد يذكرهم الآن، فذكرهم محمود قاسم وألمح إلى مؤلفاتهم وجهودهم في هذا الميدان الجميل، في موسوعته التي صدرت في 364 صفحة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والتي تعد من المراجع المهمة في مجال أدب الأطفال.